ومحاذاة ما لا نهاية له بالفعل محال، والتخلص بالظفر (5) قد تبين ضعفه.
واستدل المتكلمون أيضا بأن الكرة المحققة إذا لاقت خطا مستقيما فإن لاقته بمنقسم فهو خط، لكنه محال، وإلا أمكن أن يخرج من طرفيه خطان إلى مركز الكرة، فيكونان مع ذلك الخط مثلثا، فلو خرج له قطر لكان القطر وترا للحادتين، وكان العمودان وترا للقائمتين، ووتر القائمة أعظم من وتر الحادة فلا تكون الخطوط الخارجة عن مركزها إلى محيطها متساوية، فلا تكون الكرة محققة، وقد فرضناها كذلك. وإذا بطل كون الملاقي من الكرة منقسما ثبت أنه غير منقسم. لا يقال: الكرة لا تتحقق مع القول بالجوهر الفرد، لأنا نمنع ذلك، ثم نقول: الكرة موجود قطعا، وقد بينا أنه يلزمها عدم الانقسام.
المسألة الثانية ما الدليل على أن الحوادث متناهية؟.
الجواب لو كانت الحوادث مترامية إلى غير النهاية لزم اجتماع النقيضين، لكنه محال. أما الملازمة فلأن كل حادث مسبوق بعدم لا أول له، لأنه لو انقطع عند أول لكان مسبوقا بوجود، فلا يكون حادثا مرة بل مرارا، فمجموع العدمات إذا أزلية مقارنة وجود الواجب لذاته، فإن لم يوجد من الحوادث شئ مقارنا وجود الواجب كانت منقطعة عند أول، وإن وجد لزم كون المقارن موجودا باعتبار مقارنة الواجب، معدوما باعتبار حدوثه.
فإن قيل: لا نسلم جواز وصف العدم بالأزلية لأن ذلك من عوارض الموجود. ثم ما الذي يعني بالمقارنة؟ إن عنيت حالا تكون العدمات مجتمعة فيها فهو ممنوع، وإن عنيت أن العدمات لم تزل مترامية كما أن الحوادث لم تزل