يكون المراد المماثلة في الوضوح، ويؤيد هذا أن معنى الكلام: صلوا كرؤيتكم صلاتي، أي أوقعوا الصلاة قطعا كمشاهدتكم صلاتي. وهذه الوجوه وإن لم تكن متيقنة فهي محتملة، ومع الاحتمال لا يبقى الدليل يقينيا. سلمنا أن الخطاب عام في النبي صلى الله عليه وآله وغيره، وأنه دال على إيجاب إقامة الصلاة، ولكن لا نسلم أن المراد بهذا الأمر الصلاة الحاضرة، لأن الصلاة جنس والجنس لا إشعار فيه بأحد أنواعه ولا أشخاص أنواعه، فكما يحتمل إرادة الحاضرة يحتمل إرادة الفائتة. سلمنا أن المراد الحاضرة، لكن العموم مخصوص بصورة التيمم وإذا تطرق إليه التخصيص صار مجازا فجاز أن لا يراد منه موضع النزاع، أو نقول: كما جاز تخصيصه لدلالة فليجز تخصيصه لأخرى لتساويهما فيما يقتضي التخصيص، ثم العموم معارض بقوله تعالى: * (وأقم الصلاة لذكري) * (8)، والمراد بالصلاة هنا الفائتة، يدل عليه استدلال الباقر عليه السلام في رواية زرارة عنه في قوله " إبدأ بالتي فاتتك، فإن الله تعالى يقول " * (أقم الصلاة لذكري) * (9) ".
قوله في الاستدلال بالوجه الأول: " ثبت وجوب الحاضرة ووجوب قضاء الفوائت ولا ترجيح في الوجوب فثبت التخيير ". قلنا: لا نسلم التساوي، بل الرجحان في طرف الفوائت حاصل، وبيانه من وجهين: أحدهما أن الفائتة مضيقة، والحاضرة موسعة، فيكون الترجيح لجانب المضيق، وإنما قلنا: إن الفائتة مضيقة، لأن الأمر بالقضاء مطلق، والأوامر المطلقة مقتضية للتعجيل بما عرف في الأصول، الثاني: الأحاديث الدالة على ترتيب الفوائت على الحاضرة متناولة لموضع النزاع. وما ذكره المستدل من وجوب الحاضرة مطلق والترجيح لجانب التقييد.