وقولاهما وإن كانا متعارضين في النصف أيضا كالكل ويلزم بما ذكر طرح كلا القولين في النصفين إلا أن طرح قول كل منهما في النصف مع العمل به في النصف الآخر أولى في مقام امتثال أدلة العمل بكل بينة من طرح كلتيهما أو إحديهما رأسا وهذا معنى قولهم إن الجمع بين الدليلين والعمل بكل منهما ولو من وجه أولى من طرح أحدهما رأسا ويمكن أن يقال: إن هذا ربما يتم في صورة وجود مصلحة في مؤدى الطريق يجب استيفائها. وأما بناء على الطريقية الصرفة فلا، ألا ترى أنه لو كان نظر المسافر إلى الوصول إلى بلد وسئل أهل الخبرة واختلف فهل يأخذ بقول كل من المختلفين ولاحظ تعارض البينتين في صورة التداعي فيحتمل التساقط والرجوع إلى الأصل، ويحتمل الرجوع إلى المرجحات الأعدلية والأكثرية ويحتمل القرعة في تعيين الحجة أو تعيين الواقع مع العلم بعدم خروج إحديها عن الواقع.
وبالجملة ما ذهب إليه المعظم مشكل وإن ورد دليل في باب الحج بهذا المضمون لكن التعدي إلى مثل المقام مع ملاحظة ما ورد في سائر الأبواب مشكل.
وقد أورد على احتمال الأخذ بالقرعة في المقام بأن قاعدة الجمع حاكمة على دليل القرعة لأن المأمور به هو أعلم بكل من الدليلين لا بالواقع المردد بينهما إذ قد يكون كلاهما مخالفا للواقع فهما سببان مؤثران بحكم الشارع في حقوق الناس فيجب مراعاتهما وإعمال أسبابها بقدر الامكان ويتوجه عليه أن من أين ثبت سببية البينة ودليل اعتبار البينة أو قول أهل الخبرة في حقوق الناس وغيرها من الموضوعات بلسان واحد، وثانيا مع فرض السببية حيث لا يمكن سببية كل أي إشكال في تعيين السبب بالقرعة، لا يقال القرعة تكون لتعيين الواقع المجهول عندنا فلا يشمل دليلها ما نحن فيه لو رد النقص بالقرعة لتعيين السهام في قسمة الأموال فإنه لا تعين في الواقع وفي المقام أيضا قد يقطع بعدم خروج الواقع عن مؤدى الطريقين والقرعة لكل أمر مشكل.
وأورد على ما قيل في المقام من أن في الجمع مخالفة قطعية وإن كان فيه موافقة قطعية لكن التخيير الذي لا يكون فيه إلا مخالفة احتمالية أولى منه بأن ترجيح