بقول الثقة بل مع الوثوق والاطمينان ولو لم يكن من جهة قول الثقة، نعم دل الدليل في بعض الموارد على لزوم شهادة العدلين كما في باب المرافعات والقضاء فإذا أحرز بناء العقلاء بنحو يكون ما دل من العمومات والاطلاقات على النهي على العمل بالظن منصرفا عما يكون بناؤهم عليه يؤخذ به ألا ترى أنه لا يرى أحد شمول ما دل على عدم جواز العمل بالظن لظواهر الألفاظ مع كونها ظنية مضافا ورود الدليل في موارد كثيرة ولاحظ بناء الفقهاء - رضوان الله تعالى - عليهم يكتفون في التعديل والتوثيق في رجال الحديث بقول واحد من علماء الرجال ولا يلتزمون بشهادة عدلين مع شرائط الشهادة ولاحظ أيضا الاعتماد بالنسخ المكتوبة مع عدم العلم بحال الكاتب وعدالته و ليس إلا من جهة حصول الوثوق بعد تطابق النسخ بالصحة، ثم إن بنينا على ما هو المعروف فأدلة حجية البينة تختص بما لو أخبر المخبر عن حسن أو عن شئ غير محسوس كالملكات لكن لها آثار محسوسة. وأما الاخبار عن النظر والحدس وهو القسم الثاني من الأقسام الثلاثة فالدليل لا يشملها مضافا إلى الاشكال من جهة فرض عدم اطلاع المخبر على مقدار رغبة الناس والحال أن مقدار رغبة الناس دخيل في القيمة فإن بعض الأشياء يكون غاليا من جهة منافعه وبعض الأشياء يكون غاليا من جهة كثرة رغبة الناس، وقد يكون شئ ذا منفعة مهمة قابلة للتوجه لكنه يكون رخصيا لقلة رغبة الناس فيكف يقوم مع عدما لاطلاع على مقدار رغبة الناس إلا أن يدعى بناء العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة فمنع تمامية إمضاء هذا البناء لا يشترط كونه عادلا ولا يبعد التمسك بما دل على أخذ الأرش حيث إن الغالب أن الطريق قول أهل الخبرة ولا يمكن أن يحيل الحكيم إلى أمر لا طريق إليه.
وأما صورة اختلاف أهل الخبرة فالمعروف فيها كما في المتن الرجوع إلى القيمة الوسطى واستدل عليه بأنه إذا فرض قيام البينة على الأقل وعلى الأكثر فكل منهما حجة شرعية يلزم العمل بها فإذا تعذر العمل بهما في تمام المضمون وجب العمل في البعض فإذا قومت إحديهما بعشرة فقد قوم كلا من النصف بخمسة وإذا قومت الأخرى بثمانية فقد قومت كلا من النصف بأربعة فيعمل بكل منهما في نصف المبيع