بالمال الذي يحصل بالمعاطاة، وأما التزامي فهو التعهد بما أنشأ الالتزام به وهذا هو العقد والعهد الموثق لا المعنى المطابقي الحاصل بالفعل ولذا قلنا في المعاطاة بأنها بيع لا عقد وقلنا بأنها تفيد الجواز، وهذه الدلالة الالتزامية ناشئة من بناء العرف و العادة على أن من أوجد معنى بالعقد يلزم أن يكون ثابتا وإلا لم يقدم على المعاملات الخطيرة فكل عقد كان اللزوم من مقتضيات ذاته يصير هذا الالتزام مؤكدا له كالنكاح والضمان وكل عقد كان الجواز من مقتضياته كالهبة يخرج عن عموم " أوفوا بالعقود " بالتخصيص وكل عقد لا اقتضاء له يصير بهذه الدلالة ذا اقتضاء وقوله عز اسمه " أوفوا بالعقود " ناظر إلى هذه الدلالة لا الدلالة المطابقية لأن وجوب الوفاء في البيع بلحاظ معناه المطابقي إنما هو لحرمة التصرف في مال الغير لا لأنه عقد وعهد موثق انتهى ما أردنا نقله ملخصا.
ويمكن أن يقال: أما ما ذكر من تقسيم العقود فيتوجه عليه أنه فإن كان النظر إلى أن العاقد حين عقده ينشأ بالأنحاء المذكورة فإنا لا نجد في النكاح إلا إنشاء علقة الزوجية وفي الضمان إلا إنشاء نقل ما في ذمة الغير إلى ذمته ومجر دما ذكر لا يلزم لذاته شيئا آخر وإن كان النظر إلى الالتزام كما ذكر في البيع بالصيغة فلا فرق بين النكاح والبيع حينئذ وإن كان النظر إلى حكم الشارع بعدم قبولهما للفسخ والإقالة فالحكم لا يعد من اللوازم الذاتية وإلا فلا بد من القول بأن النكاح مع وجود أحد العيوب المجوزة للفسخ من لوازمه الذاتية قبوله للفسخ، وكذلك الضمان مع اعسار الضامن و جهل المضمون له والهبة من لوازمها الذاتية عدم قبولها للجواز إذا كانت لذي رحم أو معوضة أو كانت العين الموهوبة تالفة، وكذلك البيع بعد افتراق المتبايعين، وأما ما ذكر من التفرقة بين البيع العقدي الواقع بالصيغة وبين البيع بالمعاطاة وأن الأول له مدلولان مطابقي والتزامي دون الثاني والأول مشمول للآية الشريفة " أوفوا بالعقود " دون الثاني فيتوجه عليه أنا لا نجد فرقا في بيع الأشياء الخطيرة الصيغة والمعاطاة حيث إنه لا ينظر البايع والمشتري إلا بالمبادلة، غاية الأمر أنهما يريا المعاملة لازمة بنظرهما وإذا أفتى المفتي بعدم اللزوم في المعاطاة يقبلان تسليما لحكم الشارع فإن تم