يأكل منها، وقام علي يأكل منها. فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: إنك ناقة، حتى كف. قالت: وصنعت شعيرا وسلقا، فجئت به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: من هذ أصب، فإنه أنفع لك "، وفى لفظ: " فقال: من هذا فأصب، فإنه أوفق لك " (1).
وفى سنن ابن ماجة أيضا، عن صهيب، قال: " قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم - وبين يديه خبز وتمر - فقال: ادن فكل. فأخذت تمرا فأكلت. فقال: أتأكل تمرا وبك رمد؟!
فقلت: يا رسول الله، أمضغ من الناحية الأخرى فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم " (2).
وفى حديث محفوظ عنه صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا أحب عبدا: حماه من الدنيا، كما يحمى أحدكم مريضه عن الطعام والشراب "، وفى لفظ: " إن الله يحمى عبده المؤمن من الدنيا ".
وأما الحديث الدائر على ألسنة كثير من الناس: " الحمية رأس الدواء، والمعدة بيت الداء، وعودوا كل جسم ما اعتاد "، فهذا الحديث إنما هو من كلام الحرث بن كلدة طبيب العرب، ولا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قاله غير واحد من أئمة الحديث.
ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن المعدة حوض البدن، والعروق إليها واردة. فإذا صحت المعدة: صدرت العروق بالصحة، وإذا سقمت المعدة: صدرت العروق بالسقم ".
وقال الحرث: " رأس الطب الحمية ". والحمية عندهم للصحيح في المضرة، بمنزلة التخليط للمريض والناقة. وأنفع ما تكون الحمية للناقة من المرض: فإن طبيعته لم ترجع بعد إلى قوتها، والقوة الهاضمة ضعيفة. والطبيعة قابلة، والأعضاء مستعدة، فتخليطه يوجب انتكاسها. وهو أصعب من ابتداء مرضه.
واعلم أن في منع النبي صلى الله عليه وسلم لعلي من الاكل من الدوالي وهو ناقة، أحسن التدبير (3):
فإن الدوالي أفناء من الرطب تعلق في البيت للاكل، بمنزلة عناقيد العنب. والفاكهة .