ذلك، ولا يضرهم: لبرودة أجوافهم، وخروج الحرارة إلى ظاهر الجسد. كما تشاهد مياه الآبار: تبرد في الصيف، وتسخن في الشتاء. وكذلك تنضج المعدة من الأغذية الغليظة، في الشتاء، مالا تنضجه في الصيف.
وأما أهل المدينة: فالتمر لهم يكاد أن يكون بمنزلة الحنطة لغيرهم، وهو قوتهم ومادتهم.
وتمر العالية من أجود أصناف تمرهم: فإنه متين الجسم، لذيذ الطعم، صادق الحلاوة.
والتمر يدخل في الأغذية والأدوية والفاكهة، وهو يوافق أكثر الأبدان، مقو للحار الغريزي. ولا يتولد عنه من الفضلات الرديئة، ما يتولد عن غيره من الأغذية والفاكهة، بل يمنع لمن اعتاده، من تعفن الاخلاط وفسادها.
وهذا الحديث من الخطاب الذي أريد به الخاص: كأهل المدينة ومن جاورهم.
ولا ريب أن للأمكنة اختصاصا ينفع كثير (1) من الأدوية في ذلك المكان دون غيره، فيكون الدواء الذي قد نبت في هذا المكان نافعا من الداء، ولا يوجد فيه ذلك النفع:
إذا نبت في مكان غيره، لتأثير نفس التربة، أو الهواء، أو هما جميعا. فإن للأرض خواص وطبائع يقارب اختلافها اختلاف طبائع الانسان. وكثير من النبات يكون في بعض البلاد غذاء مأكولا، وفى بعضها سما قاتلا. ورب أدوية لقوم أغذية لآخرين، وأدوية لقوم من أمراض هي أدوية لآخرين في أمراض سواها، وأدوية لأهل بلاد (2) لا تناسب غيرهم ولا تنفعهم.
وأما خاصية السبع، فإنها قد وقعت قدرا وشرعا. فخلق الله عز وجل السماوات سبعا، والأرضين سبعا، والأيام سبعا، والانسان كمل خلقه في سبعة أطوار. وشرع الله لعباده الطواف سبعا، والسعي بين الصفا والمروة سبعا، ورمى الجمار (3) سبعا سبعا، وتكبيرات العيدين سبعا في الأولى. وقال صلى الله عليه وسلم: " مروه بالصلاة لسبع ". وإذا صار للغلام سبع .