وينبث في الأعضاء. وأما حركة الطبيعة: فلان ترسل ما يجب إرساله من المنى، على المقدار الذي يجب إرساله. وبالجملة: فالجماع: حركة كلية عامة، يتحرك فيها البدن وقواه وطبيعته وأخلاطه، والروح والنفس. فكل حركة فهي مثيرة للاخلاط مرققة لها، توجب دفعها وسيلانها إلى الأعضاء الضعيفة. والعين في حال رمدها أضعف ما يكون، فأضر ما عليها حركة الجماع. قال أبقراط (1) في كتاب الفصول: " وقد يدل ركوب السفن أن الحركة تثور الأبدان ". هذا مع أن في الرمد منافع كثيرة، منها: ما يستدعيه من الحمية والاستفراغ، وتنقية الرأس والبدن من فضلاتهما وعفوناتهما (2)، والكف عما يؤذى النفس والبدن: من الغضب والهم والحزن، والحركات العنيفة، والأعمال الشاقة. وفى أثر سلفى: " لا تكرهوا الرمد، فإنه يقطع عروق العمى ".
ومن أسباب علاجه: ملازمة السكون والراحة، وترك مس العين والاشتغال بها.
فإن أضداد (3) ذلك يوجب انصباب المواد إليها. وقد قال بعض السلف: " مثل أصحاب محمد: مثل العين، ودواء العين ترك مسها ".
وقد روى في حديث مرفوع - الله أعلم به -: " علاج الرمد: تقطير الماء البارد في العين ". وهو من أكبر الأدوية للرمد الحار: فإن الماء دواء بارد يستعان به على طفء حرارة الرمد، إذا كان حارا. ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، لامرأته زينب - وقد اشتكت عينها -: " لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان خيرا لك وأجدر أن تشفى: تنضحين في عينك الماء، ثم تقولين: أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما " (4).
وهذا مما تقدم مرارا: أنه خاص ببعض البلاد، وبعض أوجاع العين. فلا تجعل (5) .