العفن، سببا لانضاج مواد غليظة لم تكن تنضج بدونها، وسببا لتفتح سدد لم تكن (1) تصل إليها الأدوية المفتحة.
وأما الرمد الحديث والمتقادم: فإنها تبرئ أكثر أنواعه برءا عجيبا سريعا.
وتنفع من الفالج واللقوة والتشنج الامتلائي، وكثيرا من الأمراض الحادثة عن الفضول الغليظة.
وقال لي بعض فضلاء الأطباء: إن كثيرا من الأمراض نستبشر فيها بالحمى: كما يستبشر المريض بالعافية، فتكون الحمى فيه أنفع من شرب الدواء بكثير: فإنها تنضج من الاخلاط والمواد الفاسدة، ما يضر بالبدن، فإذا أنضجتها صادفها الدواء: متهيئة للخروج بنضاجها، فأخرجها. فكانت سببا للشفاء (2).
وإذا عرف هذا فيجوز: أن يكون مراد الحديث من أقسام الحميات العرضية. فإنها تسكن على المكان: بالانغماس في الماء البارد، وسقى الماء البارد المثلوج. ولا يحتاج صاحبها مع ذلك إلى علاج آخر. فإنها مجرد كيفية حارة (3) متعلقة بالروح، فيكفي في زوالها مجرد وصول كيفية باردة: تسكنها وتخمد لهبها، من غير حاجة إلى استفراغ مادة، أو انتظار نضج.
ويجوز: أن يراد به جميع أنواع الحميات.
وقد اعترف فاضل الأطباء جالينوس: بأن الماء البارد ينفع فيها، قال في المقالة العاشرة من كتاب " حيلة البرء ": " ولو أن رجلا شابا، حسن اللحم، خصب البدن - في وقت القيظ، وفى وقت منتهى الحمى - وليس في أحشائه ورم، استحم بماء بارد، أو سبح فيه -: لانتفع بذلك ". وقال: " ونحن نأمر بذلك بلا توقف ".