(أحدهما): أن الحمى تدخل في كل الأعضاء والمفاصل، وعدتها ثلثمائة وستون مفصلا فتكفر عنه - بعدد كل مفصل - ذنوب يوم.
(والثاني): أنها تؤثر في البدن تأثيرا لا يزول بالكلية إلى سنة، كما قيل في قوله صلى الله عليه وسلم -: " من شرب الخمر: لم تقبل له صلاة أربعين يوما " -: إن أثر الخمر يبقى في جوف العبد وعروقه وأعضائه، أربعين يوما. والله أعلم.
قال أبو هريرة: " ما من مرض يصيبني أحب إلي من الحمى: لأنها تدخل في كل عضو منى، وإن الله سبحانه يعطى كل عضو حظه من الاجر ".
وقد روى الترمذي في جامعه - من حديث رافع بن خديج، يرفعه -: " إذا أصابت أحدكم الحمى - وإنما الحمى قطعة من النار - فليطفئها بالماء البارد، ويستقبل نهرا جاريا. فليستقبل جرية الماء بعد الفجر، وقبل طلوع الشمس.
وليقل: باسم الله، اللهم: اشف عبدك، وصدق رسولك. وينغمس فيه ثلاث غمسات، ثلاثة أيام. فإن برئ، وإلا: ففي خمس، فإن لم يبرأ في خمس: فسبع، فإنها لا تكاد تجاوز السبع بإذن الله " (1).
قلت: وهو ينفع فعله - في فصل الصيف، في البلاد الحارة - على الشرائط التي تقدمت.
فإن الماء في ذلك الوقت أبرد ما يكون: لبعده من ملاقاة الشمس، ووفور القوى في ذلك الوقت: لما أفادها النوم والسكون وبرد الهواء. فيجتمع قوة القوى، وقوة الدواء - وهو الماء البارد - على حرارة الحمى العرضية، أو الغب الخالصة - أعنى: التي لا ورم معها، ولا شئ من الاعراض الرديئة، والمواد الفاسدة. فيطفئها بإذن الله، لا سيما