فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا. فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له ذلك. فقال:
وما يدريك أنها رقية. ثم قال: قد أصبتم، اقتسموا واضربوا لي معكم سهما (1) ".
وقد روى ابن ماجة في سننه، من حديث على، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير الدواء القرآن ".
ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين:
الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه، الذي هو الشفاء التام، والعصمة النافعة، والنور الهادي، والرحمة العامة، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته. قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين). و " من " ههنا لبيان الجنس، لا للتبعيض. هذا أصح القولين. كقوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما). وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات؟. فما الظن بفاتحة الكتاب: التي لم ينزل في القرآن ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها، المتضمنة لجميع معاني كتب الله، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب ومجامعها، وهى: الله والرب والرحمن والرحيم (2)، وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة، وطلب الهداية، وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء على الاطلاق وأنفعه وأفرضه، وما العباد أحوج شئ إليه، وهو: الهداية إلى صراطه المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته، بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، والاستقامة عليه إلى الممات. ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه: بمعرفته (3) الحق والعمل به ومحبته وإيثاره، ومغضوب عليه: بعدوله عن الحق بعد معرفته له، وضال: بعدم معرفته له. وهؤلاء أقسام الخليقة. مع تضمنها لاثبات القدر والشرع، والأسماء والصفات، والمعاد والنبوات، وتزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وذكر عدل الله وإحسانه، والرد على جميع أهل البدع والباطل.