ابن عباس: أنه أمر أن يكتب لامرأة يعسر عليها ولادها، آيتان (1) من القرآن، يغسل ويسقى. وقال أيوب: " رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن، ثم غسله بماء وسقاه رجلا كان به وجع ".
(فصل) ومنها: أن يؤمر العائن بغسل مغابنه وأطرافه، وداخلة إزاره - وفيه قولان:
(أحدهما): أنه فرجه. (والثاني): أنه طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده من الجانب الأيمن. ثم يصب على رأس المعين من خلفه بغتة. وهذا مما لا يناله علاج الأطباء، ولا ينتفع به من أنكره، أو سخر منه، أو شك فيه، أو فعله مجربا: لا يعتقد أن ذلك ينفعه.
وإذا كان في الطبيعة خواص لا تعرف الأطباء عللها البتة - بل هي عندهم خارجة عن قياس الطبيعة تفعل (2) بالخاصية: فما الذي ينكره زنادقتهم وجهلتهم من الخواص الشرعية؟!
هذا مع أن في المعالجة بهذا الإستغسال، ما تشهد له العقول الصحيحة، وتقر لمناسبته. فاعلم أن ترياق سم الحية: في لحمها، وأن علاج تأثير النفس الغضبية في تسكين غضبها وإطفاء ناره: بوضع يدك عليه، والمسح عليه، وتسكين غضبه. وذلك بمنزلة رجل: معه شعلة من نار، وقد أراد أن يقذفك بها، فصببت عليها الماء وهى في يده، حتى طفئت. ولذلك أمر العائن أن يقول: اللهم بارك عليه، ليدفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذي هو إحسان إلى المعين. فإن دواء الشئ بضده. ولما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد، لأنها تطلب النفوذ فلا تجد أرق من المغابن وداخلة الازار - ولا سيما إن كان كناية عن الفرج -: فإذا غسلت بالماء بطل تأثيرها وعملها. (وأيضا) (3): فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص. والمقصود: أن غسلها بالماء يطفئ تلك النارية، ويذهب بتلك السمية. وفيه أمر آخر، وهو: وصول أثر الغسل إلى القلب، من أرق المواضع وأسرعها تنفيذا، فيطفئ تلك النارية والسمية بالماء، فيشفى المعين. وهذا كما أن ذوات السموم إذا قتلت بعد لسعها: خف أثر اللسعة عن الملسوع ووجد راحته. فإن أنفسها تمد أذاها بعد لسعها