الروحانيين، والروحاني والطبيعي. وفى النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء، والنفس المباشر للرقية والذكر والدعاء. فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه، فإذا صاحبها شئ من أجزاء باطنه - من الريق والهواء والنفس -: كانت أتم تأثيرا، وأقوى فعلا ونفوذا، ويحصل بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة، شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية.
وبالجملة: فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيد بكيفية نفسه، وتستعين بالرقية وبالنفث (1) على إزالة ذلك الأثر. وكلما كانت كيفية نفس الراق أقوى، كانت الرقية أتم، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها. وفى النفث (1) سر آخر: فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة. ولهذا تفعله السحرة، كما يفعله أهل الايمان. قال تعالى: (ومن شر النفاثات في العقد). وذلك: لان النفس تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة، وترسل أنفاسها سهاما لها، وتمدها بالنفث والتفل الذي معه شئ من ريق (2) مصاحب لكيفية مؤثرة. والسواحر تستعين بالنفث استعانة بينة:
وإن لم يتصل بجسم المسحور، بل ينفث على العقدة ويعقدها ويتكلم بالسحر، فيعمل ذلك في المسحور (3): بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة، فتقابلها الروح الزكية الطيبة، بكيفية الدفع والتكلم بالرقية، وتستعين بالنفث، فأيهما قوى كان الحكم له. ومقابلة الأرواح بعضها لبعض ومحاربتها وآلتها، من جنس مقابلة الأجسام ومحاربتها وآلتها سواء. بل الأصل في المحاربة والتقابل للأرواح، والأجسام آلتها وجندها. ولكن: من غلب عليه الحس لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها وانفعالاتها، لاستيلاء سلطان الحس عليه، وبعده من عالم الأرواح وأحكامها وأفعالها.
والمقصود: أن الروح إذا كانت قوية، وتكيفت بمعانى الفاتحة، واستعانت بالنفث