والشريعة. بل التأثير يكون تارة بالاتصال، وتارة بالمقابلة، وتارة بالرؤية، وتارة بتوجه الروح نحو من يؤثر فيه، وتارة بالأدعية والرقى والتعوذات، وتارة بالوهم والتخيل.
ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية، بل قد يكون أعمى، فيوصف له الشئ فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره. وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية. وقد قال تعالى لنبيه: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر)، وقال: (قل: أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن (شر) النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد). فكل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائنا. فلما كان الحاسد أعم من العائن: كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن.
وهى: سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن، نحو المحسود والمعين، تصيبه تارة وتخطئه تارة.
فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه: أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذرا شاكي السلاح، لا منفذ فيه للسهام -: لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها. وهذا بمثابة الرمي الحسى سواء. فهذا من النفوس والأرواح، وذاك من الأجسام والأشباح. وأصله من إعجاب العائن بالشئ، ثم يتبعه (1) كيفية نفسه الخبيثة، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين.
وقد يعين الرجل نفسه، وقد يعين بغير إرادته، بل بطبعه. وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني. وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء: " (إن) (2) من عرف بذلك:
حبسه الامام، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت ". وهذا هو الصواب قطعا.
(فصل) والمقصود العلاج النبوي لهذه العلة. وهو أنواع.
وقد روى أبو داود في سننه، عن سهل بن حنيف، قال: " مررنا بسيل، فدخلت فاغتسلت فيه، فخرجت محموما. فنمى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مروا أبا ثابت يتعوذه. (قال) فقلت: يا سيدي، والرقى صالحة؟ فقال: لا رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة (3) " والنفس: العين، يقال: أصابت فلانا نفس، أي عين. والنافس: العائن. واللدغة: