تدرسون. ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون؟!).
وأشرف العبودية: عبودية الصلاة. وقد تقاسمها الشيوخ والمتشبهون بالعلماء والجبابرة فأخذ الشيوخ منها أشرف ما فيها، وهو: السجود. وأخذ المتشبهون بالعلماء منها الركوع، فإذا لقى بعضهم بعضا: ركع له كما يركع المصلى لربه سواء. وأخذ الجبابرة منهم القيام، فيقوم الأحرار والعبيد على رؤوسهم عبودية لهم، وهم جلوس.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن هذه الأمور الثلاثة، على التفصيل. فتعاطيها مخالفة صريحة له. فنهى عن السجود لغير الله، وقال: " لا ينبغي لاحد أن يسجد لاحد "، وأنكر على معاذ لما سجد له، وقال: " مه "، وتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة. وتجويز من جوزه (1) لغير الله، مراغمة لله ورسوله. وهو من أبلغ أنواع العبودية. فإذا جوز (هذا المشرك) هذا النوع للبشر: فقد جوز عبودية غير الله. وقد صح " أنه قيل له: الرجل يلقى أخاه، أينحنى له؟ قال: لا. قيل: أيلتزمه ويقبله؟ قال: لا قيل: أيصافحه؟
قال: نعم ".
وأيضا: فالانحناء عند التحية سجود. ومنه قوله تعالى: (وادخلوا الباب سجدا)، أي منحنين. وإلا: فلا يمكن (2) السجود والدخول على الجباه.
وصح عنه النهى عن القيام وهو جالس، كما تعظم الأعاجم بعضها بعضا، حتى منع (3) ذلك في الصلاة، وأمرهم إذا صلى جالسا: أن يصلوا جلوسا وهم أصحاء لا عذر لهم، لئلا يقوموا على رأسه وهو جالس. مع أن قيامهم لله. فكيف إذا كان القيام تعظيما وعبودية لغيره سبحانه!.
والمقصود: أن النفوس الجاهلة الضالة أسقطت عبودية الله سبحانه، وأشركت فيها من يعظمه من الخلق، فسجدت لغير الله، وركعت له وقامت بين يديه قيام الصلاة، وحلفت بغيره، ونذرت لغيره، وحلقت لغيره، وذبحت لغيره، وطافت لغير بيته، وعظمته بالحب