وقد كنت - في الواقع - أحذر أن يصل ذلك إلى أسماع من أخشى لومه أو عتابه ممن يشاركنا الهاتف، ولكني تجرأت فاستكملت الحديث معها قائلا: سأقرأ لك أبياتا فاصغي، وقرأت لها رباعية للخيام كنت أنشدتها بالعربية، وهي:
روحي الفدا لمعاشر أهلا بصحبته انسجم * سيهون إجلالا له أني أطأطئ للقدم إن شئت تعرف يا أخي على اليقين جهنما * فجهنم الدنيا معاشرة المخالف إن لزم فاستحسنت الأبيات كثيرا، وقد قرأتها بتأن محاولا أن تدرك المعنى بوضوح، وقالت: ما أجملها من أبيات! ورجائي أن تتلوها علي بشكل نشيد أو غناء، فأجبتها: أن صوتي لا يساعدني، فقالت: إذا زدني بأبيات أخرى، فقلت لها:
تفضلي بالإصغاء، وتلوت عليها رباعية أخرى للخيام كنت ترجمتها هي الأخرى بالعربية، وهي:
منية النفس تعالي وارحمي القلب المعنى * وبحسن القد حلي مشكلا يا (خود) عنا وأسعفينا بكؤوس من بنيات الكروم * قبلما الكاسات من طينتا للشرب تجنى فبهرت بها وقالت: أحسنت وأجملت، ويا لها من أبيات رقيقة وكأنك، أحضرتها قبل هذا لمثل هذه المناسبة. وأردفت: أرجو منك أن تعطيني أرقام، هاتفك فمثلك لا يترك، فقلت: كيف تطلبين ذلك وقد تلفنت بها؟! فقالت: يشهد الله أني ضربت الأرقام عفوا، ولا أذكرها، وإذا وضعت السماعة فهيهات أن أتوصل للحديث معك، فقلت لها: وأنا آسف أيضا غير أن الحديث معي في الدار فيه محذور، فقالت: وما هو المحذور؟ فقلت: أخشى من لوم أختي الكبرى إذا ما وجدتني أتغازل مع فتاة مثلك، قالت: وأنت تخشاها لهذه الدرجة؟!
ثم إنني استمهلتها قليلا لأن هناك من يطلبني، وذهبت حذار أن أجد - حقيقة - من ينصت إلى حديثي، وردعا للخطر وإثبات حسن الظن أشرت إلى من في الطابق الأول أن تكلمها باعتبارها أختي الكبرى، فعدت وإذا بالهاتف قد