إن القاعدة للوراثة تقتضي أن ينجب الآباء المؤمنون والأمهات العفيفات أولادا طيبين، فهؤلاء يمكن أن يحرزوا السعادة في أرحام أمهاتهم فلا توجد في سلوكهم عوامل الانحراف الموروثة. إلا أننا لا نستطيع الحكم على هؤلاء بأن ينموا وينشأوا ويعيشوا إلى الأبد كذلك إذا قد يصادفون بيئة فاسدة تعمل على انحرافهم وتغيير سلوكهم وسجاياهم الموروثة وقلبها رأسا على عقب، وأخيرا نجد هذا الطفل الذي كان سعيدا في بطن أمه يعد في صفوف الأشقياء ويصير جرثومة للفساد والمجون والاستهتار.
وهكذا الطفل المولود من آباء وأمهات لا يعرفون عن الإيمان شيئأ فإنه يعتبر شقيا في رحم أمه - تبعا لقانون الوراثة - لكن قد يصادف بيئة صالحة وتربية جذرية تعمل على استئصال العوامل الشريرة من داخل نفسه وأخيرا يكون من الأتقياء المؤمنين والأفراد الصالحين في المجتمع.
ولهذا نجد النبي (ص) يصرح: «السعيد قد يشقى، والشقي قد يسعد» (1).
وقد ورد عن الإمام علي (ع) أنه قال: «السعيد من وعظ بغيره والشقي من انخدع لهواه وغروره» (2).
وبصورة موجزة نقول: إن السعادة تحصل للانسان من مجموعة عوامل طبيعية (وراثية) وتربوية. وكذلك الشقاء... ولقد أوضح الامام الصادق (ع) هذا المبدأ في عبارة مختصرة فقال: «إن حقيقة السعادة أن يختتم للمرء عمله بالسعادة. وإن حقيقة الشقاء أن يختتم للمرء عمله بالشقاء» (3).
إن هذه الرواية تدلنا على حقيقة واضحة، هي أنه يجب الإحاطة بجميع العوامل الوراثية والتربوية للفرد، والنظر إلى نتيجة تفاعلاتها ثم الحكم عليه بالسعادة أو الشقاء.