حتى يوما واحدا، طيلة حياتهم.
وكذلك ما أكثر الأفراد الذين حاولوا إحياء المعرفة الفطرية في نفوسهم، ولكنهم ضلوا عن الطريق المستقيم، وعبدوا الجماد والنبات والحيوان، أو الشمس والقمر والنجوم بدلا من خالق الكون.
ولأجل أن يتضح معنى المعرفة الفطرية للسامعين الكرام أكثر نعقد مقارنة بين صنع الله وصنع البشر من حيث الدلالة على وجود الصانع ونتوصل ضمن المقارنة إلى بعض النتائج المفيدة.
إن القرآن الكريم يرى في الكون والموجودات كلها أنها صنع الله وتنظيمه... «صنع الله الذي اتقن كل شيء» (1). إذن فالله تعالى هو صانع العالم وجميع الموجودات مصنوعة له.
ولقد استعمل القرآن الكريم مادة (الصنع) بالنسبة إلى أعمال البشر أيضا في عدة مواضع، فقال في موضوع سفينة نوح: «ويصنع الفلك...» (2). وفي قصور فرعون والفراعنة يقول: «ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون» (3). وفي الأشياء السحرية التي صنعها سحرة مصر لمعاندة موسى «وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا» (4). وفي صنع داود للدروع: «وعلمناه صنعة لبوس» (5).
إذن فان جميع الطائرات والسيارات والمعامل والآلات والآدوات وجميع ما كونه البشر يكون من صنع الانسان كما أن جميع ما في العالم صنع الله، مع فارق واحد هو: أن الله يخلق المادة والصورة معا، بينما الانسان يصنع المادة التي خلقها الله بالصورة التي يريدها.