أو لم يأذنوا للخالق الحكيم بأن يخلق الأنواع متشابهة لكي يدل على قدرته الباهرة بجعل التباين العظيم بين الأنواع في الخصائص الكبيرة والآثار العظيمة مع الاختلاف اليسير في الأعضاء؟ أتراهم لم يعطوا امتيازا في إيجاد الأنواع إلا على نحو التسلسل؟
ومن حججهم أن بعض الأعضاء لا فائدة فيها فهي أثرية في هذا النوع المتحول قد بقيت من آثار النوع السابق الذي كان محتاجا إليها.
ومثلوا لذلك في الانسان بعضلات الأذن، والزوائد الدودية في المعاء الأعور. يا ساداتنا وهذا من أدهى الدواهي المعرقلة للعلم عن سيره في البحث عن الحقائق واكتشاف أسرارها واستخراج كنوزها.
أما إن العلماء لا غيرهم يتمجدون باعترافهم بأن في الكون حقائق كبيرة كثيرة لم يكشف البحث عن نقابها فهم يمدون يد السير في العلم إلى رفع حجابها. فهل يجعل الجهل دليلا علميا؟ من أين علم أن عضلات الأذن تنحصر فائدتها بالتحريك فلا فائدة لها في الانسان لا في تعديل وضع أذنه ولا في حاجيات جهاز سمعه؟
من أين علم أن الزوائد الدودية ذات الصمام لا حاجة لحياة الانسان بها؟
لماذا لا يظن أن العناية بحياة الانسان قد وظفت الدودية بوضعها الخاص لأمر يعجز عنه الأعور البسيط. كما جعلت الأعور في البط أطول مما تقتضيه النسبة مع باقي الحيوانات.
يا ساداتنا هذه حجج أصحاب تسلسل الأنواع. هل ترون قعقعتها تكون ظنا ولو من أضعف الظنون؟ هل ينفخ فيها روح العلم قول دارون (بيد أنا لا نفقه لها معنى ولا نكشف عنها غطاء إذا اعتبرنا أن الأنواع قد خلقت خلقا مستقلا)؟؟
القس: يا عمانوئيل كأني ببعض المنهمكين بالمذهب الداروني يقولون لك في جواب كلامك وبحثك (عذرك جهلك) كما كتبه شبلي