لأن هذا القول قد دللنا قبل على إبطاله، وبينا في هذه الخطبة وجه الدلالة على فساده واسترحنا من كلفة الجواب هنا على هذه الهينمة بما قدمناه فتذكر.
ومنه قوله (ع) في حديث كميل بن زياد: (اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا أو مستترا مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته) (1) فهذا الكلام نص صريح في أن الإمام القائم لله بحجته لا تخلو الأرض منه، وهو إما أن يكون ظاهرا مشهورا يعرفه الناس تشير إليه الأكف، وإما أن يكون مستترا مغمورا لا يعرف بشخصه، وأن الإمامة لا تنقطع من الأرض إذ بانقطاعها يجب بطلان حجج الله وبيناته، وذلك محال ممتنع، فانقطاع الإمامة مثله، وحيث لا إمام ظاهر على الوجه المذكور في الكلام من بعد أبي محمد الحسن بن علي العسكري وجب الحكم بوجود إمام مختف من بعده، وما هو إلا صاحبنا إذ لم يدع أحد من الناس ذلك لغيره، فوجب أن يكون هو القائم بحجة الله المستتر، وفي هذا كفاية لصحة قولنا، ومما يدل على عناد ابن أبي الحديد قوله في شرح هذا الكلام: (وهذا يكاد يكون تصريحا بمذهب الإمامية إلا أن أصحابنا يحملونه على أن المراد به الأبدال الذين وردت الأخبار النبوية عنهم أنهم في الأرض سائحون إلى آخر كلامه) (2) وما أدري كيف قال هذا ولا نعرف الأبدال الذين يقول بهم؟ وأن الكلام لا يشير إلى ما ذكره قطعا وجزما ولا شك أنه لا يدري ما يقول وأنت خبير ببطلان كلامه بعد الإحاطة بما سبق من القول، وقد قررنا في مسألة عدم جواز خلو الأرض من الإمام في جميع أزمنة التكليف تقريرا شافيا في هذا الحديث ينفعك هنا فراجع.
ومنه قوله (ع) في خطبة له: (فانظروا أهل بيت نبيكم فإن لبدوا