الحدود، وجباية الفئ وجهاد المشركين، وقتال الباغين، وإرشاد العباد، ورفع الفساد، ولا خفاء أن المستتر المتواري لا تحصل به هذا المصالح فأي فائدة في إمام مستتر.
قلنا: صدقت في قولك: إن الإمام منصوب لهذه المصالح لكن لا يجب عليه القيام بها إلا إذا سلمت له الرعية المقادة، وبسطت له يد الطاعة لو وجد ممن يطيعه أعوانا ينتصر بهم على من يعصيه من الأمة، فأما إذا منعته الرعية طاعتها ولم تلق له زمام قيادها، بل تركت نصرته وإخافته ولم يجد من أهل طاعته من يقوم بنصرته على أهل المعصية فإنه لا يجب عليه القيام بجميع تلك المصالح كما ذكرت، وجاء منع اللطف من قبل الرعية حيث فوتوا أنفسهم منه بكفهم يد الإمام عن التصرف، ولم يلزم من ذلك بطلان إمامة الإمام المنصوب من الله لأن سبيله سبيل النبي، فكما أن النبي (عليه السلام) مبعوث لتلك المصالح وغيرها ولا تبطل نبوته بعدم القدرة على القيام بها لعدم طاعة الرعية له كما ذكرنا في الكلام على الايراد الأول ولم يقتض ذلك عدم وجود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكذلك لا تبطل إمامة الإمام إذ كانت من الله بمنع الرعية إياه عن التصرف، ولا يلزم من ذلك عدمه لأن الإمامة خلافة عن النبوة وما لا يبطل به الأصل لا يبطل به الفرع، وهذا كاف في الجواب عن ترك أئمتنا (عليهم السلام) بعد الحسين القتال وقعودهم عن مجاهدة الظلمة، وقولك أي فائدة في إمام مستتر؟ قلت: بلى فيه فائدة جليلة ولطف ظاهر وذلك أن المكلفين إذا علموا أن في العالم إماما مختفيا وأنه سيظهر فينتصف للمظلوم من الظالم ويرد الحقوق إلى أهلها ويعاقب العاصين وجوزوا ظهوره في كل وقت، فإنهم يكونون إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد، فهذه فائدة من أعظم الفوائد في وجود الإمام المستتر، وذلك بخلاف ما إذا علموا أن ليس في العالم إمام بذلك الوصف فإنهم يكونون على طرف النقيض من الأول، والحاصل أن وجود الإمام لطف