الأزمان التي تغلب فيها على أهل الإيمان أهل البغي والعدوان، وذوو الكفر وأولياء الشيطان لا الزمان الذي يدعى فيه لذلك الإمام، وينادى باسمه بين الخاص والعام، فإن ذلك وقت أسفار العدل بسفوره، وظهور صبح الحق بظهور نوره، وانهزام ليل الباطل وزوال ديجوره، بضياء نهار الهدى وسناء تنويره.
ذاك وقت أيامنا فيه بيض * والليالي غر كليل العروس وليت شعري كيف خفي على المعتزلي هذا المعنى من الظهور والخفاء فلم يعرف الظاهر من المستور وأما قوله كما ورد في الخبر، فهو متعلق بقوله:
تملك الممالك إلى آخر الكلام لا بقوله: يخلقه الله في آخر الزمان إذ لا خبر بذلك عندهم، ولو كان ثمة خبر ولو من أضعف الأخبار لصال به علينا وجال لكن لم يجد إلى ذلك سبيلا فرجع إلى الاستدلال بالإمكان، وترك ما حصل وكان.
ومنه قوله في خطبة أخرى يشير إلى الخلف الصالح: (قد لبس للحكمة جنتها وأخذها بجميع أدبها، من الاقبال عليها والمعرفة بها والتفرغ لها فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها وحاجته التي يسأل عنها فهو مغترب إذا اغترب الإسلام، وضرب بعسيب ذنبه وألصق الأرض بجرانه، بقية من بقايا حجته، خليفته من خلائف أنبيائه) الخطبة (1) فقوله (عليه السلام):
(مغترب إذا اغترب الإسلام) دال على استتار ذلك الإمام إذا عاد الإسلام غريبا كما بدأ غريبا دل عليه الحديث النبوي، وصار كالبعير البارك الذي يضرب الأرض بأصل ذنبه وهو المراد بالعسيب، ويلصق الأرض بصدره وهو جرانة فلا يكون له تصرف ولا نهوض، وكل ذا كناية عن عود الإسلام