الإنسان المشار إليه: وليس ذلك بنافع للإمامية في مذهبهم، وإن ظنوا أن ذلك تصريح بقولهم وذلك لأنه من الجائز أن يكون هذا الإمام يخلقه الله تعالى في آخر الزمان ويكون مستترا وله دعاة يدعون إليه ويقررون أمره ثم يظهر بعد ذلك الاستتار، ويملك الممالك ويقهر الدول ويمهد الأرض كما ورد في الخبر (1) فباطل غاية البطلان والكلام نافع لنا في مذهبنا غاية النفع وجواز أن يكون هذا الإمام يخلقه الله تعالى في آخر الزمان معارض بجواز أن يكون خلقه قبل زمان ابن أبي الحديد، بما يربى على المئات من السنين ويزيد، وقد أقمنا البرهان على وجوب وجوده في الأرض أثبتنا النقل على حصول ولادته منا ومن الخصوم، ونحن لا ننكر ما أجازه لو كان الخلف لم يوجد، ولم يولد، ولا يضرنا في الحجة نحن ندعي أنه (عليه السلام) خلق فكان على المعتزلي أن يقيم دليلا على منع إيجاده، وإبطال ميلاده وأنى له بذاك؟ وإذا كان يجوز أن يكون ولد والأخبار منا ومنهم وردت بوقوع ذلك الجائز الذي لم يقدر الخصم على منعه وجب أن يكون استتار المنتظر من وقت ميلاده إلى وقت ظهوره في هذه الأزمان لا في ذلك الزمان الذي ادعاه المعتزلي، على أنه لو كان كما ذكر لم يكن الإمام مستترا عن الناس لأن من يبث الدعاة إلى الخلق يدعونهم إلى طاعته ومبايعته ويطلبون منهم الانقياد إلى أمره والوثوب إلى نصرته ليس بمستتر عن الناس، بل مظهر لهم نفسه مبدلهم أمره معرف لهم شأنه ملق إليهم خبره، ومن كان هذا شأنه كيف لا يبصر القائف أثره ولو تابع نظره، ودعاته يشيرون إليه ويدلون الناس عليه، وإنما يصح الاستتار الذي عناه أمير المؤمنين وصرح به في الوقت الذي ليس لهذا الإمام ابن السادة الكرام داع يدعو الناس إلى مبايعته ولا مشير يشير إليه ويدل عليه، فهو مخفى الأثر ولذلك أنكر وجوده من أنكر كهذا القائل، وهذه الحال لم تكن إلا في هذه
(٦٣٣)