البلخي الشافعي في ترجمة الحسين (عليه السلام) مشيرا إلى أئمتنا بعد أن ذكرهم قال بعض أهل العلم: " علوم أهل البيت لا تتوقف على التكرار والدرس ولا يزيد يومهم فيها على ما كان بالأمس لأنهم المخاطبون في أسرارهم المحدثون في النفس فسماء معارفهم وعلومهم بعيدة عن الادراك واللمس، ومن أراد سترها كان كمن أراد ستر وجه الشمس، وهذا مما يجب أن يكون ثابتا مقررا في النفس، فهم يرون عالم الغيب في عالم الشهادة ويقفون على حقائق المعاني في خلوات العبادة، وتناجيهم ثواقب أفكارهم في أوقات أذكارهم بما تسنموا به غارب الشرف والسيادة، وحصلوا بتوجههم إلى جناب القدس ما بلغوا به منتهى السؤال والإرادة، فهم كما في نفوس أوليائهم ومحبيهم وزيادة، فما تزيد معارفهم في زمان الشيخوخة على معارفهم في زمن الولادة، وهذه أمور تثبت لهم بالقياس والنظر، ومناقب واضحة الحجول والغرر، ومزايا تشرق إشراق الشمس والقمر، وسجايا تزين عنوان التواريخ وعنوان الأثر فما سألهم مستفيد أو ممتحن فوقفوا ولا أنكر منكر أمرا من الأمور إلا عرفوا، ولا جرى معهم غيرهم في مضمار شرف إلا سبقوا، وقصر مجاريهم وتخلفوا، سنة جرى عليها الذين سلفوا وأحسن اتباعها الذين خلفوا، وكم عاينوا في الجدال والجلاد أمور فتلقوها بالرأي الأصيل والصبر الجميل، فما استكانوا وما ضعفوا فبهذا وأمثاله سموا على الأمثال وشرفوا تعدم الشقاشق إذا هدرت شقاشقهم وتصغي الأسماع إذا قال قائلهم، ونطق ناطقهم ويكثف الهواء إذا قيست به خلائقهم ويقف كل ساع عن شأوهم، فلا يدرك فائتهم ولا تنال طرائقهم، سجايا منحهم بها خالقهم، وفاز بها صادقهم فسر بها أولياؤهم وأصدقاؤهم وحزن لها مباينهم ومفارقهم انتهى أقول والكلام في أوصافهم متسع قال فيه كل قائل بما أحسن، ونطق منه كل
(٦٢٣)