المعتزلة، وذكر عن النقيب المذكور أجوبة طويلة في دفع استبعاده من الصحابة مخالفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذكر أن ذلك خلاصة ما حفظه من كلام النقيب، ونحن نستخلص من تلك الخلاصة زبدة فنوردها وحاصل ذلك: أن القوم لم يذهبوا إلى أن الإمامة من معالم الدين كالصلاة والصيام والحج وإنما كانوا يجرونها مجرى الأمور الدنيوية كتأمير الأمراء وسياسة الرعية، وما كانوا يرون بأسا بمخالفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أمثال ذلك إذا رأوا مصلحة في المخالفة، كما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نص على إخراج أبي بكر وعمر في جيش أسامة فلم يخرجا لما رأياه من المصلحة في التأخير، وأسقطوا سهم ذوي القربى من الخمس وسهم المؤلفة قلوبهم بالرأي، وهما أدخل في باب الدين منهما في أبواب الدنيا، وأن القوم كانوا يخالفون النبي (صلى الله عليه وآله) وهو حي في أمثال ذلك، ولقد أوصاهم في مرضه (أن أخرجوا النصارى من جزيرة العرب) فلم يخرجوهم حتى مضى صدر من خلافة عمر، وعملوا في زمن أبي بكر برأيهم، وهم الذين هدموا المسجد بالمدينة، وحولوا المقام بمكة عما وضعه فيه إبراهيم الخليل ونبينا (صلى الله عليه وآله) إلى ما وضعته الجاهلية.
قلت: وكان المحول له عمر.
قال: ولم يقفوا على موارد النصوص، واقتدى بهم الفقهاء فرجح الكثير منهم القياس على النص فاستحالت الشريعة إلى شريعة جديدة على ما أدى إليه القياس، وأكثر ما كانوا يعملون بآرائهم فيما يجري مجرى الولايات والتأمير وتقرير قواعد الدولة ولا يقفون مع نصوص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتدبيراته إذا رأوا المصحلة في خلافة كأنهم يقيدون إطلاق نصوصه بقيد غير مذكور لفظا، وليس ذلك يمكن بهم فيما هو جار مجرى