محض الدين كالصلاة والوضوء، مثل أن يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوضوء شرط في الصلاة فيجمعوا على خلافه، وكذا في الصوم والحج إذ لا غرض لهم فيه ولا يقدرون على إظهار مصلحة كانت خفيت على النبي (صلى الله عليه وآله) بزعمهم كما أمكنهم إظهار ذلك في إمامة علي (عليه السلام) من كراهية العرب له إما للوتر والثأر، وإما لمحض الحسد والبغض، وإما لصغر السن وغير ذلك مما زعموه، وأسكتوا به من يخاطبهم ويذاكرهم بنص الرسول (صلى الله عليه وآله) عليه، وتعللوا مع إقرارهم بالنص في المبادرة إلى عقد الأمر لأبي بكر بخوف الفتنة، ورجاء تداول الخلافة في بطون قريش فلا يختص بها قوم دون قوم إلى غير ذلك من الزخارف التي ذكروها، وكان عمر جريا على مخالفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في زمانه كما خالفه في وقت مرضه لما أمر بإحضار الدواة وقال: (هلم اكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي أبدا) فقال: إنه ليهجر حسبنا كتاب الله، وإن الحاضرين افترقوا فصوب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فريق، وصوب عمر فريق، وهذا من اغرب الأمور، فمن بلغت همته إلى مثل هذا كيف يبعد عليه رد نص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد موته على علي (عليه السلام) بالخلافة؟ ومن كان ينكر عليه ذلك؟ مع أن ذاك أشد من مخالفة النص في الخلافة وأفضع، على أن الرجل ما أهمل نفسه، بل أعد لذلك أعذارا وذلك أنه قال لقوم عرضوا له بحديث النص: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجع عن ذلك بأمره أبا بكر بالصلاة وأوهمهم أن ذلك يجري مجرى النص عليه بالخلافة، وقال يوم السقيفة: رضيك رسول الله لديننا أفلا نرضاك لدنيانا؟ وأعانه على مثل ذلك قوم افتعلوا كذبا كافتعاله وجعلوه كالناسخ لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) فكان حال الصلاة والكعبة والصوم والحج غير حال الخلافة.
(٥٢٤)