المكلف عليهما كما ذكره في دليله وأما إذا لم يكن المكلف قادرا عليها كالوقت للصلاة والاستطاعة للحج والنصاب للزكاة لم يكلف بها ولا بذيها، بل يكلف به إذا حصلت وتحصيل الإمام غير مقدور للمكلفين من جهتين.
الأولى: إنه يشترط في الإمام المنصوب أن يكون مرضيا عند الله للإمامة ومعرفة المرضي عند الله لذلك من دون نص عليه متعذرة على سائر المكلفين لعدم اطلاعهم على الغيب وانقطاع الوحي بموت النبي وعدم المؤيد على قول المستدل بالهام من الله وتفهيم وكون الظن لا يغني من الحق شيئا ولأن الظاهر قد يخالفه الباطن فربما يختار المكلفون من يؤدي نصبه إلى الفساد المطلوب إزالته من نصب الإمام وهم يظنون أنه صالح فلا يكون لله رضا وحيث كان معرفة من يصلح للإمامة عند الله ويكون نصبه لله رضا غير مقدور للرعية لم يجز أن يكونوا مأمورين به فبطل الدليل، اللهم إلا أن يقولوا إن الإمام لا يلزم أن يكون مرضيا عند الله ولا موسوما بالصلاح للإمامة لديه فحينئذ نجيبهم ونقول: فما الفرق بين هذا الإمام وبين الملوك المتغلبين على العباد بالقهر والجبر، وأي فائدة في نصب هذا الإمام للدين، وأي مصلحة في حكومته للمسلمين، وكيف يجوز طاعة من لم يكن مرضيا عند الله للأمر والنهي؟ على أنه لا يتم به الواجب المطلق لعدم قيامه بجميع الوظائف الشرعية ولسنا نتكلم في مثل هذا ولا موضع للقول فيه ولا اعتناء لنا بشأنه ولا حاجة لنا في ذكره إلا بما يذكر أمثاله كنمرود وفرعون.
الثانية: إن الإمام المرضي عند جميع المسلمين يستحيل أن يكون واحدا بعينه باتفاق لاختلاف الآراء وتشعب الأهواء وميل كل فرقة إلى اختيار شخص لا سيما عند كثرة المسلمين وانتشارهم في البلاد وقبح الجبر فيما سبيله الاختيار وعدم جواز ترجيح اختيار البعض على البعض الآخر لفقد المرجح فأين قدرة المكلفين على تعيين واحد بعينه وما يختاره قوم يأباه قوم آخرون؟
وحديث أبي بكر مع الأنصار في السقيفة وما جرى بينه وأصحابه وبين علي