الكتاب من شئ] (1) وما أشبهها من الآيات وكلها ظاهرة غاية الظهور في أن لكل أمر وفعل حدا وحكما عند الله تعالى وليس شئ عنده مهملا غير محدود بحد ولا محكوم عليه بحكم، وقد استفاض في الروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من طرق أصحابنا أن الله جعل لكل شئ حدا وجعل لمن يتعدى ذلك الحد حدا، وأما ما يحتج به للمخالفين النافين تعيين حكم الله تعالى في كل واقعة من قوله تعالى: [يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته] (2) وقوله تعالى: [وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم] (3) فضعيف وتقرير حجتهم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مأمور بتبليغ الأمة ما أنزل إليه من ربه وبيانه لهم، ومن المعلوم أنه لم يخالف الأمر فقد بلغ ما أنزل الله إليه وبينه وما بلغه الأمة وبينه لهم لم يف ببيان جميع الأحكام فلو كان لله تعالى في كل واقعة حكم لأنزله إلى نبيه ولو أنزله إليه لبلغه وبينه لأنه مأمور بذلك ولو بلغة وبينه لنقل إلينا وحيث لم ينقل إلينا مع توفر الدواعي على نقله من حكم الشريعة إلا ما نقل علمنا أنه لم ينزل عليه شيئا غيره فلم يكن لله في ذلك الغير حكم وكان الحكم فيه الاجتهاد فما أدى إليه نظر المجتهد في الواقعة الغير المبنية فهو حكم الله في حقه وحق مقلديه وهذه الحجة هي العمدة في احتجاجهم وليس لهم غيرها ما يعتنى به أو يحتاج إلى الجواب عنه وهذه حجة منقوضة وشبهة مردودة بوجوه:
الأول: منع العموم في آية التبليغ وإرادة الخصوص منها كما يشير إليه قوله تعالى فيها: [وإن لم تفعل فما بلغت رسالته] (4) فإنه لا يستقيم إلا بجعل مسمي رسالته المفعول لبلغت مغايرا لمصداق [ما أنزل إليك]