المؤمنين ما كان يظن ذلك بل يتيقنه ويعلمه ويعتقده إلى أن انتقل إلى جوار ابن عمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مقعد صدق عند مليك مقتد، ألا تراه يقول لعمر حين ألزمه ببيعة أبي بكر: اشدد له اليوم أمره ليرده عليك غدا، وقوله لعبد الرحمن بن عوف حين عدل عنه بالبيعة لعثمان: ما هو بأول يوم تظاهرتم فيه علينا، وقوله للأسدي في الخبر المذكور من قريب: إنها إثرة شحت بها نفوس قوم، وغير ذلك من كلماته وقد سبق ذكر جملة منها، وكيف يجهل ذلك أو يرتاب فيه وقد أخبره الصادق الأمين به وعهد إليه بغدر القوم به، وما يرتكبون منه، وفصل له الأمر تفصيلا، وأزاح عنه فيه غبار الظنة وأوصله فيه إلى درجة اليقين، وقد سبق بيان هذا في الأخبار المتقدمة.
وأما قوله إلى أن صح عنده وثبت في نفسه أنهم أصابوا فيما فعلوه الخ فجوابه أن يقال له: متى كان هذا في حياتهم أم بعد هلاكهم وهو في الحالين يشكو ظلمهم ويحكم بغصبهم حقه ونهبهم تراثه، أفيجوز أن يقال في ميت مضى على إصابة الحق وإحراز الدين أنه ظالم غاصب ناهب الميراث وما شاكل هذه الكلمات لا يكون ذلك إلا ويكون القائل ظالما قد قال زورا وافترى إفكا، وأنت تنزهه عن الظلم والكذب فصح أن الثابت عنده والمستقر في نفسه أنهم أخطئوا فيما فعلوه ومالوا إلى الهوى وأرادوا الدنيا وأنه ما صوبهم يوما من الدهر.
وأما قوله لو ولى الأمر لفتقت عليه العرب فتقا الخ فكلام مأخوذ عن عمر ولقد أطال المعتزلي وأسهب في ذكره بما لا حاجة إليه من شرح أمر حرب الجمل وصفين، وهذا القول قد عرفت جوابه فيما سبق بأحسن البيان وسيأتي منه ذكر أيضا، ونقول هنا أخبرنا أي العرب أنف من إمرة علي (عليه السلام)، واستنكف عنها؟ ألست رويت عن أبي بكر الجوهري أن الأنصار