نخرج إلى الحج تقطر مذاكيرنا من المني كما في صحيح مسلم (1) وهذا عصيان واستهزاء ولم يكونوا ساقوا هديا وسافر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في شهر رمضان فأفطر ولم يفطر جماعة ممن معه من الصحابة فقال:
(أولئك العصاة) يكررها ثلاثا رواه مسلم في صحيحه أيضا (2) وكثير من ذلك وكما جرأت أولئك على خلاف النبي (صلى الله عليه وآله) أوهمت أولياءهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سوغهم ذلك حيث لم يعاقبهم على ردهم قوله وحكمه بما يقتضي ردعهم، وهذه شبهة ضعيفة جوابها في كتاب الله تعالى وهو قوله: [ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واصفح] (3) الآية فإن الله سبحانه وتعالى أمره بالكف عنهم والعفو والصفح عن زلاتهم لئلا يتفرقوا عنه ويخذلوه فلا يبقى معه إلا القليل: كما أمره الله تعالى بالكف عن المنافقين ودعائهم إلى حرب المشركين وإعطائهم من الغنائم يؤلفهم بها ويستميلهم بذلك إلى قتال العدو لتظهر كلمة الإسلام وتنتشر دعوته في الآفاق مع علمه (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفاق المنافقين، وشك المؤلفة قلوبهم فأجرى أولئك مجرى هؤلاء على أنهم لم يظهروا جحود ربوبية الله ووحدانيته، ولا إنكار نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنما كانت مخالفتهم في أمور أخر من الأحكام وكان يردعهم على مخالفتهم إياه بأخشن الكلام كما قال لهم يوم الحديبية إذ قال عمر فلم نعطي الدنية في ديننا؟: (ألستم أصحابي يوم أحد إذ تصعدون