بنفسه الداعي لهم إلى ستر النص عليه وتغطيته لما ذكره في كلامه وهو انمحاء فضل علي (عليه السلام) ومرتبته من صدور الناس حتى لا يقول قائل ظلموه إذ تقدموا عليه أو قدموا غيره، وهذا فضله وهذه مناقبه، وهذا النص من النبي (صلى الله عليه وآله) عليه، فما بال ابن أبي الحديد يثبت على القوم ستر ما لأمير المؤمنين (عليه السلام) من المناقب وبذل الجهد في تغطية ما له من الخصائص ويأبى عن نسبة إنكار النص عليه بالإمامة إليهم وإخفائه من أن العلة في كتمان النص أقوى، والداعي إلى ستره أشد، والمقتضى للتغطية عليه في أمرهم أتم فنسبته إخفاء النص إليهم على ابن أبي الحديد من ذاك ألزم لكنه يقتدي في العناد بأئمته وفي ستر الحق بسادته كما هو الجاري في طبيعته ولما بيناه من فعل القوم بفضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) لولا شيوعها وانتشارها، وكثرتها واشتهارها، وعناية الله بصاحبها لانطمست أعلامها، وعفت آثارها، وذهبت نضارتها، وخبت نارها لكنها بحمد الله لم تزدد على الإخفاء إلا ظهورا، وعلى الستر إلا بروزا، وعلى التهجين إلا علوا، وعلى التغطية إلا بهجة وسفورا، وعلى الإخماد إلا توقدا ونورا، فجاء الأمر على خلاف ما حاولوا، واقتضت الحال عكس ما راموا، فلما أعجزهم إعفاء رسوم تلك الفضائل، وأعياهم إطفاء أنوار تلك المناقب، قصدوا إلى عيب المخصوص بها ونقصه، ونسبته إلى ما يشينه بما زوروه وافتعلوه من تلقاء أنفسهم، فمرة رموه بالدعابة، ومرة بالتيه، وتارة بالزهو، وأخرى بالتكبر، وغير ذلك من أنواع النقص مما صرحت العبر ببراءة ساحته منه، ولم يزده في قلوب أهل الإيمان إلا جلالة قدر، ورفعة شأن، وكل ما ذكرناه عن القوم وأضعافه مروي في كتاب خصمنا وكتب أصحابه ومشبهيه مما لولا طول المقام بذكره والخروج عن المرام بسطره لرسمناه وشرحناه، ومن أراده مبينا فليطلبه من الكتاب المشار إليه (1) وهذا الذي قالوه .
(٤٥٨)