أهل السيرة من أوليائه (1) وليس فيه مما ذكره القوشجي من طلب أبي بكر من الصحابة تعيين الإمام وإجابتهم له بما ذكره هناك حرف واحد وما ذكرناه دليل واضح على أن القول المذكور لم يقع وأنه شئ افتعله القوشجي من نفسه أو غيره من متكلميهم ليصلحوا به أمرهم، ويقووا به مذهبهم، فلا حجة فيما ذكر إذ لم يرد به خبر، ولا وجد له في كتب الأخبار أثر، والكذب لا تقوم به الحجة الشرعية عند أولي الألباب، ومما بيناه استبان أنه لا استشارة ولا جواب فضلا عن أن يكون وقع اتفاق من الصحابة على تعيين الإمام، وحصول الإجماع.
الرابع: إن خبره لو صح لكان مناقضا لغرضه ومعاندا لمطلبه لأن فيه بعد كلام أبي بكر وطلبه من القوم تعيين الإمام قالوا: صدقت لكنا ننظر في هذا الأمر، وهذا القول دال على التأني والمهلة لا على المسارعة والعجلة كما لا يخفى على من له اطلاع وممارسة بكلام العرب ومحاوراتهم، فما احتج به الرجل على مراده مخالف له فلا يصح له الاحتجاج به لو صح وروده فكيف ودون ذلك أهوال؟ ومما ذكرنا من الوجوه يعلم يقينا اجتثاث أصل هذا الدليل وانقلاع أساسه وانطماس رسومه واعتفاء أثره مع أنه العمدة عندهم فزال عمادهم وبطل إليه استنادهم.
الثاني: (2) من أدلته أن الشارع أمر بإقامة الحدود، وسد الثغور، وتجهيز الجيوش، للجهاد وكثير من الأمور المتعلقة بحفظ النظام وحماية بيضة الإسلام مما لا يتم إلا بالإمام وما لم يتم الواجب المطلق إلا به وكان مقدورا فهو واجب على ما مر.
الجواب من وجهين (3).