الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد] (1) انتهى (2).
أقول وهذا الخبر كما ترى يدل على فضل لا يعلم منتهاه ولا يعرف لأحد من أولياء الله مثل هذه الفضيلة وهو يكذب ما ولده أبو بكر الأصم في حديث المبيت من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): (لن يصل إليك منهم أمر تكرهه) إذ لو كان الأمر هكذا لم يكن علي (عليه السلام) فدى النبي (صلى الله عليه وآله) بنفسه ولا آثره بالحياة ولم يكن شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله إذ لا يكون ذلك إلا إذا كان يجوز القتل على نفسه في مبيته بل يظنه فيكون قد سخى بنفسه في فداء النبي (صلى الله عليه وآله)، أما إذا كان قاطعا بالسلامة لإخبار النبي (صلى الله عليه وآله) إياه بعدم وصول مكروه من المشركين إليه فلا شئ من ذلك بحاصل لأنه إذ ذاك لم يقدم على مخوف، ولا وطن نفسه على ملاقاة المكروه، فلا مشقة عليه في ذلك التكليف ومن كان هذا شأنه لا يستحق شيئا من المدح فكيف يباهي الله به سادات الملائكة ويفضله عليهم كما ترى؟ فدل المدح من الله تعالى لعلي (عليه السلام) على أن تلك الزيادة مكذوبة لتهجين هذه الفضيلة حيث لم يكن لغيره ما يدانيها تلك الليلة فلم يباه الله به ملكا ولم تنزل بالتصريح بمدحه آية والحق لا يخفى.
ووجه آخر وهو أنه قد صح في رواية الخصوم من غير خلاف أن المشركين كانوا يرجمون عليا بالحجارة تلك الليلة حتى أثر في جسده، وهذا لا شك مكروه وصل إليه من المشركين، ولو كان النبي (صلى الله عليه وآله) أخبره بعدم وصول مكروه إليه منهم إذن ما وصل إليه من ذلك شئ، إذ لا تجوز المخالفة في أخبار النبي (صلى الله عليه وآله) فبطل ما قاله