أئمتهم فإنهم يختصون بنقلها، وليس في رواية أصحابنا منها عين ولا أثر، فلذا نحن لا نقبلها لعلمنا بعدم وثاقه ناقليها، بل علمنا باصطناعهم إياها، على أن أكثرها أو جميعها ينتهي إسناده إلى من علمت منهم العداوة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وأولاده وذويه، وتزويره الأحاديث في عيبهم وذمهم، فهو يضيف إليها اختلاق أخبار في فضائل المتقدمين عليهم لتكون معارضة لروايات فضائلهم ومناقبهم، ليبلغ غرضه من تهجينها عند الرعاع والغوغاء وينال بذلك الإنعام الوافر عند أعدائهم كأبي هريرة والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وابن عمر وعروة بن الزبير وسمرة بن جندب وأضرابهم وكل هؤلاء مصرحون ببغض أمير المؤمنين (عليه السلام) والانحراف عنه، وقد ذكر ابن أبي الحديد في بيان المنحرفين عن علي (عليه السلام) هؤلاء وجماعة كثيرة من أمثالهم وذكر أقوالهم الشنيعة فيه كل ذلك في شرح النهج (1) وذكر تفصيل ذلك وبيانه قبله أبو جعفر الإسكافي (2)، ومنها ما اصطنعه أتباعهم من القراء والفقهاء والمحدثين لمثل أغراضهم كما أسلفنا بيانه في رد حجة القوشجي، فمن هذه حالهم كيف يصح الثقة برواياتهم؟ على أن كثيرا منها مدخول فيه، وكثير منها لائح عليه آثار الوضع، وجلها مخالف لصريح القرآن، وقد أمرنا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) برد ما خالف القرآن من الأخبار المروية عنه، وقد طعن فيها جماعة من الخصوم بالوضع بعضهم صريحا وبعضهم لزوما من حيث لا يشعرون، وطعن ابن أبي الحديد في بعضها صريحا، والكلام في هذا قدمنا منه ما فيه الكفاية في إبطال احتجاج القوشجي بجملة منها، فهذا هو الفارق بين قبولنا رواية الخصوم في فضائل أئمتنا (عليه السلام) دون روايتهم في فضائل أصحابهم وهو المرجح للقبول
(٣٧٧)