إلى ما وصفه الله به في هذا الكتاب مما لا يوازن به وصف ولا يبلغه إلا الأنبياء المرسلون، وهو أدل دليل على كون المراد من الكتاب بيان أنه (عليه السلام) خليفة النبي (صلى الله عليه وآله) ووصيه إذ لم يذكر غيره على الخصوص بشئ مما يشير إلى معنى الإمامة بالمرة، فليسوا عند الله بخلفاء النبي (صلى الله عليه وآله) يقينا، وأنت إذا نظرت ما رسمناه وتدبرت في جميع ما حررناه نظر متأمل متبصر قطعت وجزمت بأنها نصوص صراح متضحة أي اتضاح في إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وعلمت يقينا أن إنكار النص عليه ممن روى تلك الروايات أو اطلع عليها في الكتب الصحيحة عنده ناش عن رأي غير سديد، وعقل غير رشيد، كما صدر من أمثال ابن أبي الحديد ونحن نسأل الله التوفيق إلى ولاية مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) ونرغب إلى الله في التسديد.
فإن قيل: إنكم رويتم هذه الأحاديث من كتب خصومكم واعتمدتم عليها في مطلبكم، فإن يكن ذلك لوثاقتهم عندكم فيلزمكم قبول روايتهم في أئمتهم، وإن لم يكونوا عندكم موثوقا بهم فليس لكم أن تعتمدوا على شئ مما رووه، وليس لكم أن تأخذوا من روايتهم ما يوافق مطلوبكم دون ما يخالفه لأن ترجيح بلا مرجح، ومن قبلته لك لا بد أن تقبله عليك.
قلنا: أما اعتمادنا على الروايات المروية في كتب خصومنا الواردة في مناقب أئمتنا عليهم السلام فليس لأنهم عندنا ثقات، ولا أن روايتهم مقبولة، ولا لأنها موافقة لمطلوبنا، بل لأنها مذكورة بألفاظها ومعانيها وأمثال أمثالها مما لا يحصى كثرة في كتب أصحابنا المعتبرة من الطرق الموثوق بها، والأسانيد الموثوق برجالها، ولو لم تكن موجودة عندنا، ومروية من طرقنا، ومثبتة في صحاح أخبارنا، وكثير منها منقول بالتواتر لضربنا عنها الذكر صفحا، ولما عرجنا عليها، ولا التفتنا إليها، وهذا بخلاف روايتهم في