إن هذا المذهب الإسلامي له مقوماته الفكرية كأي مذهب آخر من مذاهب الدين، وله لواؤه الخفاق ما في ذلك ريب (1).. والعلماء الشيعة كعلماء أهل السنة إنما يدركون كل شئ في حدود القرآن وفي حدود ما ورد على لسان نبي الإسلام.. وقد نظموا دراسات وبحوثا لها قيمتها في ميدان الإسلامية الكبرى، وكان لهم في إحياء التراث الديني مجالات ومجالات.. والواقع أنني ألمس فيهم نشاطا ممتازا، وثقافة نادرة وفطرة مستقيمة في تقدير الأمور.
وإذا كان الشيعة يرون أن عليا " كرم الله وجهه " كان أولى بالحكم من أبي بكر وعمر ابن الخطاب وعثمان فليس ذلك ماسا بصميم الدين، أو هادما لركن العقيدة، أو مخالفا لشئ ورد في كتاب الله وسنة رسول الله..
إنها مسألة رأي في حكام تولوا أمور الإسلام وهي مسألة متعلقة بنوازع الإنسان نفسه، وجهد بذله بعض الرجال عن إخلاص لإنقاذ الدين وحماية الدولة..
وليس من عيب أن يرى قوم من الأقوام أن رجالا آخرين كانوا أولى بهذا المكان من هؤلاء الرجال الذين تولوا بالفعل زمام الأمور.
لقد رأيت الكثيرين يتعرضون للشيعة وللتوفيق بين السنة والشيعة، ولكنهم يتهربون من صميم المشكلة دون مبرر ولا سبب... والأمر فيما أرى لا يحتاج إلى هذا التهيب ولا إلى هذا التردد... إذ ما حل التهيب مشكلة من المشاكل، ولا حسم التردد خلافا من الخلافات..
لأي من المسلمين - على مدى العصور - أن يعتقد ما يشاء فيما يتعلق بأمور دنياه..