والجواب عن ذلك: أن تخطئة أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار لا غضاضة فيها مع موافقة الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه لا دليل على وجوب التعبد بأقوال أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار في شئ من أمور الدين والدنيا أصلا.
وعليه، فهل يجوز لمؤمن أن يترك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحيح الثابت عنه إلى قول أبي بكر وعمر؟
ولهذا بادر أبو بكر إلى تخطئة كل الأنصار المجتمعين في السقيفة، الذين عقدوا العزم على بيعة رجل منهم، بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الأئمة من قريش. وبذلك أيضا يجوز تخطئة غيرهم.
ثم إن أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار إذا لم يكن لديهم نص في مسألة الخلافة كما تقدم النقل عنهم من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف، فاستخلافهم لأبي بكر إنما كان عن اجتهاد منهم، فلا يجب على غيرهم أن يقلدهم في اجتهاداتهم في الوقائع غير المنصوصة، فضلا عما إذا ثبت النص.
وأما مسألة الإزراء بالمهاجرين والأنصار فهذا من الخطابيات التي لا قيمة لها، وذلك لأن تخطئتهم في بيعة أبي بكر لا يستلزم الإزراء بهم بالضرورة، إذ لا يجب على المسلمين أن يصححوا اجتهادات الصدر الأول في الوقائع، وإلا لكان علينا أن نقول بعصمتهم، وهو باطل بالاتفاق.
ثم إنا لا نزري بالمهاجرين والأنصار كلهم بهذه البيعة، بل نقول: إن من بايع أبا بكر من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان مكرها، أو أراد أن يبايع أمير المؤمنين عليه السلام فلم يتمكن فهو معذور، وأما من كان يريد أن يحوزها لنفسه بغير حق، أو أراد أن يزحزحها عن أمير المؤمنين عليه السلام حسدا، أو ضغنا، أو خشية من أن يستأثر بها بنو هاشم، أو كيدا للدين، فهو آثم لا شك في ذلك ولا ريب، ولا حرمة له عندنا ولا كرامة.
ثم إن قولهم هذا معارض بمثله، فنقول: إن من حكم بخطأ أمير المؤمنين