والبر هو الطاعة والعبادة كما نص عليه ابن الأثير وغيره.
قال ابن الأثير: وفي حديث الاعتكاف: البر يردن أي الطاعة والعبادة، ومنه الحديث: ليس من البر الصيام في السفر (1).
وعليه لا يكون الصيام في السفر عبادة ولا طاعة، فيكون غير مشرعا ولا مأمورا به، فيتعين حينئذ الإفطار.
وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك لما رأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم...
وهذا يدل على أن الصيام الذي هو ليس ببر إنما هو الصيام الذي تكون معه مشقة، لا مطلق الصيام في السفر.
وهذا مردود بأن خصوص المورد لا يخصص الوارد، فإن لفظ (الصيام) في الحديث مطلق غير مقيد بحالة حصول المشقة والحرج، فلا يصح تخصيصه بما حدث في تلك الواقعة.
على أن الحديث الأول أوضح دلالة من هذا الحديث، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم وصف كل الصائمين بأنهم عصاة، مع أنه لم يستعلم أحوالهم فوجدهم قد شق عليهم الصوم، بل ظاهر الحديث أن صومهم لا مشقة فيه عليهم، لأنهم لو وجدوا فيه أدنى مشقة وكانوا قد رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفطر لأفطروا معه، ولكنهم لما وجدوا في أنفسهم طاقة على الصوم بلا حرج عليه صاموا ، وهو واضح لا