ومنها: ما أخرجه مسلم في صحيحه، وأحمد في المسند، وأبو عوانة في مسنده، عن عبد الله بن شقيق، قال: خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم. وجعل الناس يقولون: الصلاة. قال: فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني: الصلاة الصلاة. فقال ابن عباس: أتعلمني بالسنة؟ لا أم لك. ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شئ، فأتيت أبا هريرة، فسألته فصدق مقالته (1).
وفي رواية أخرى قال: لا أم لك، أتعلمنا بالصلاة؟ وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
وقولهم: (إن هذه الأحاديث محمولة على أن الجمع بين الصلاتين كان لأجل المطر).
يرده ما ذكر في بعضها، من أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى سبعا وثمانيا في غير خوف ولا مطر . وفي بعضها: في غير خوف ولا سفر. والجمع بينها يقتضي أنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الصلاتين في غير خوف ولا سفر ولا مطر.
ثم إن التعليل الوارد في أكثر تلك الأحاديث، وهو قول ابن عباس: (أراد ألا يحرج أمته) يدل على أن الجمع لم يكن لعذر من تلك الأعذار، فإن تفريق الصلوات كثيرا ما يكون فيه حرج نوعي، وهذا ملاحظ في البلاد التي