الشيعة تتقي إخوانهم المسلمين، فكيف يستدل بهما على صحة عملهم؟
والجواب: أن مورد الآيتين وإن كان هو اتقاء المسلم من الكافر، ولكن المورد لا يكون مخصصا لحكم الآية إذا كان الملاك موجودا في غيره، وقد عرفت أن وجه تشريع التقية هو صيانة النفس والعرض والمال من الهلاك والدمار، فإن كان هذا الملاك موجودا في غير مورد الآية، فيجوز، أخذا بوحدة الملاك.
قال الرازي: ظاهر الآية (آية آل عمران) إن التقية إنما تحل مع الكفار الغالبين، إلا أن مذهب الشافعي إن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والكافرين حلت التقية محاماة عن النفس، وقال التقية جائزة لصون النفس، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): حرمة مال المسلم كحرمة دمه، وقوله (عليه السلام):
" من قتل دون ماله فهو شهيد ". (1) وقال المراغي في تفسير آية النحل ويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقة، وإلانة الكلام لهم، والتبسم في وجوههم وبذل المال لهم، لكف أذاهم وصيانة العرض منهم، ولا يعد هذا من الموالاة المنهي عنها، بل هو مشروع، فقد أخرج الطبراني قوله ص:
" ما وقى المؤمن به عرضه فهو صدقة ". (2) والتاريخ بين أيدينا يحدثنا بوضوح عن لجوء جملة معروفة من كبار المسلمين إلى التقية في ظروف عصيبة، وخير مثال على ذلك ما أورده الطبري في تاريخه عن محاولة المأمون دفع وجوه القضاة والمحدثين في