محاضرات في الإلهيات - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٢٦
5. أمية حامل الرسالة إن صحائف تاريخ حامل الرسالة أوضح دليل على أنه لم يدخل مدرسة، ولم يحضر على أحد للدراسة وتعلم الكتاب، وقد صرح بذلك القرآن بقوله:
(ما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون). (1) كيف وقد عاش وتربى في بلد كان أهلها محرومين من فنون العلم والحضارة آنذاك ولذلك وصفهم القرآن ب‍ " الأميين "، فالبرغم من مغالطة قساوسة الغرب والمستغربة وتشبثاتهم بمراسيل عن مجاهيل، وانتحالات الملاحدة في هذا الأمر، فإن أمية النبي وقومه تموج بالشواهد الواضحة من الكتاب والتاريخ والحديث. (2) نعم لما أحس فصحاء العرب وبلغاؤهم بالعجز عن معارضة القرآن وأنه ليس من سنخ كلام البشر، اتهموه بأنه أساطير الأولين تملى عليه بكرة وأصيلا يمليها عليه بشر (3)، ويرده تعالى بقوله:
(لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين). (4) فمن لاحظ ذاك المعهد البسيط يذعن بأن من الممتنع أن يخرج منه

١. العنكبوت: ٤٨.
٢. راجع في ذلك، مفاهيم القرآن: ٣ / 321 - 327.
3. يقول سبحانه: (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) (الفرقان: 5). ويقول: (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر) (النحل: 103) وقالوا فيه وجوها فعن ابن عباس: قالت قريش إنما يعلمه بلعام، وكان قينا بمكة روميا نصرانيا، وقال الضحاك: أراد به سلمان الفارسي، قالوا: إنه يتعلم القصص منه، وقيل غير ذلك. راجع مجمع البيان: 3 / 386، والكشاف: 3 / 218. المؤلف.
4. النحل: 103.
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست