المنزل على نبي من أنبيائه، فكلما أطلق الوحي وجرد عن القرينة يراد منه ذلك، وهذا هو الذي نحن بصدد بيان حقيقته فنقول:
والوحي الذي يختص به الأنبياء إدراك خاص متميز عن سائر الإدراكات فإنه ليس نتاج الحس ولا العقل ولا الغريزة، وإنما هو شعور خاص يوجده الله سبحانه في الأنبياء وهو شعور يغاير الشعور الفكري المشترك بين أفراد الإنسان عامة، لا يغلط معه النبي في إدراكه ولا يشتبه ولا يختلجه شك ولا يعترضه ريب في أن الذي يوحي إليه هو الله سبحانه، من غير أن يحتاج إلى إعمال نظر أو التماس دليل، أو إقامة حجة.
قال سبحانه:
(نزل به الروح الأمين * على قلبك). (1) فهذه الآية تشير إلى أن الذي يتلقى الوحي من الروح الأمين هو نفس النبي الشريفة، من غير مشاركة الحواس الظاهرة التي هي الأدوات المستعملة في إدراك الأمور الجزئية.
وعلى هذا، فالوحي حصيلة الاتصال بعالم الغيب، ولا يصح تحليله بأدوات المعرفة المعتادة ولا بالأصول التي تجهز بها العلم الحديث ومن لم يذعن بعالم الغيب يشكل عليه الإذعان بهذا الإدراك الذي لا صلة له بعالم المادة وأصوله.
هل الوحي نتيجة النبوغ؟
إن هناك أناسا يفسرون النبوات والرسالات ونزول الوحي على العباد الصالحين بنحو يجمع بين تصديق الأنبياء من جانب، والأصول العلمية