الجواب: أن الأشاعرة خلطوا بين الغرض الراجع إلى الفاعل، والغرض الراجع إلى فعله، فالاستكمال لازم في الأول دون الثاني، والقائل بكون أفعاله بالأغراض والغايات والدواعي والمصالح، إنما يعني بها الثاني دون الأول.
توضيح ذلك: " إن العلة الغائية في أفعال الفواعل البشرية هي السبب لخروج الفاعل عن كونه فاعلا بالقوة إلى كونه فاعلا بالفعل، فهي متقدمة على الفعل صورة وذهنا ومؤخرة عنه وجودا وتحققا، ولا تتصور العلة الغائية بهذا المعنى في ساحته تعالى، لغناه المطلق في مقام الذات والوصف والفعل، فلا يحتاج في الإيجاد إلى شئ وراء ذاته، وإلا لكان ناقصا في مقام الفاعلية مستكملا بشئ وراء ذاته وهو لا يجتمع مع غناه المطلق، ولكن نفي العلة الغائية بهذا المعنى لا يلازم أن لا يترتب على فعله مصالح وحكم ينتفع بها العباد وينتظم بها النظام، وذلك لأنه سبحانه فاعل حكيم، والفاعل الحكيم لا يختار من الأفعال الممكنة إلا ما يناسب ذلك، ولا يصدر منه ما يضاده ويخالفه ". (1) قالوا:
" سلمنا إن الغرض قد يعود إلى غير الفاعل، لكن نفع غيره إن كان أولى بالنسبة إليه تعالى من عدمه جاء الإلزام، لأنه تعالى يستفيد حينئذ بذلك النفع والإحسان ما هو أولى به وأصلح له، وإلا لم يصلح أن يكون غرضا ". (2)