العبارات بحسب الأوضاع والاصطلاحات ويقصد المتكلم حصوله في نفس السامع ليجري على موجبه، هو الذي نسميه الكلام النفسي ". (1) وهذا المعنى من الكلام - على فرض ثبوته - يكون من صفات ذاته تعالى وقديم بقدم الذات، ولكنه ليس أمرا وراء العلم التصوري أو التصديقي.
3. نظرية الحكماء: ذهبت الحكماء إلى أن لكلامه سبحانه مفهوما أوسع مما ذكره المعتزلة من الكلام اللفظي، بل كلامه تعالى مساوق لفعله سبحانه فكل موجود كما هو فعله ومخلوقه، كذلك كلام له تعالى ونسميه ب " الكلام الفعلي ".
توضيح ذلك: أن الغرض المقصود من الكلام اللفظي ليس إلا إبراز ما هو موجود في نفس المتكلم ومستور عن المخاطب والسامع، فالكلام ليس إلا لفظا دالا على المعنى الذي تصوره المتكلم وأراد إيجاده في ذهن السامع، فحقيقة الكلام هي الدلالة والحكاية، ولا شك أن الفعل كما يدل على وجود فاعله فهكذا خصوصياته الوجودية دالة على خصوصياته الوجودية، وليس الفرق بين دلالة اللفظ على المعنى ودلالة الفعل على الفاعل، إلا أن دلالة الأول وضعي اعتباري، ودلالة الثاني تكويني عقلي، والدلالة التكوينية العقلية أقوى من الدلالة اللفظية الوضعية.
وعلى هذا، فكل فعل من المتكلم أفاد نفس الأثر الذي يفيده الكلام، من إبراز ما يكتنفه الفاعل في سريرته من المعاني والحقائق، يصح تسميته كلاما من باب التوسع والتطوير.