ذلك فقد أعزى (1) بهم مكسلين عما أمرهم وأصحبهم من المنشطين نفرا قريبا ممن تكون (2) سورتهم على (3) المرابطين لاتجدى بتنشيطهم (4) من الموقع ما تجدى تكسيل الاخرين، و قبل ذلك كله فانك اذا حققت ذلك لم تجد الكلفة تقوم ذلك الجزاء الا جعالة تلك الاقلالة جبل من عسجد وهضبة (5) من ياقوت وزبرجد والاغرامة ترك (6) الاقلالة جدع وسمل يقفى على أثرهما صلب وقتل.
ثم انه وفي بما وعد وأوعد فقيل له: هلا سمحت (7) بما أثبت عفوا وصفحت عمن عاقبت تكرما؟ فقال: لقد أدققت في ذلك نظرا واعمقت فكرا وأردت أن أزيد من أنعمت عليه غبطة واضاعف له بهجة، فانه اذا ذكر الذى صار اليه (8) من النعيم وناله من البلاء الجسيم كسب كسبه بسعى أجمله وأثر أحمده وغناء أبدائه هب نشاطه عن هجدته وقام طربه على ساقه و غشيته أريحية تقابل الحسرة وجذل يقابل الندم. وكما لم أجد بدا من التحريض والتحريص بالوعد والتأميل، لم أجد بدا من الترهيب والتحذير بالوعيد والتهديد وان آخذ فيهما الى أطوار المبالغة. ثم ألزمني التدين (9) بالصدق والنفور من الخلف، الوفاء بالامرين اثابة للاقلين عدا - (10) وهم السمحاء بالطاعة - ومعاقبة للاكثرين حدا - وهم الاشحة بها - فكل علمته قبل ما كلفته.
اليس مفتيك الذى سميته عقلا وجعلته اصلا يقول لك: ليتك! توقفت قليلا وتأملت تأملا ولم تجل (11) على مطايا العجلة (12)، فلعله كان يسرك ان تعتبر في نفسك فتقول: ما عسى ان تبلغ العبارة عن نائل هذا الثواب مبلغا يعتد بعمله عملا تكون أجرته من الياقوت