إنك تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنك لم تدركه؟
قال: يا بن، لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك، إني في زمان كما ترى (وكان في عمل الحجاج) كل شئ سمعتني أقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو عن علي بن أبي طالب عليه السلام، غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا (1).
بل، أدى بهم بغض علي عليه السلام إلى ترك السنة.
أخرج النسائي، عن سعيد بن جبير قال: كنت مع ابن عباس بعرفة، فقال: ما لي لا أرى الناس يلبون؟!
قلت: يخافون من معاوية، فخرج من فسطاطه يقول: لبيك اللهم لبيك، فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي (2).
لكن الذين اشتروا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله، وجعلوا أرواحهم رخيصة في سبيل أهداف الإسلام الغالية، لم يأبهوا بالتهديدات، ولم تؤثر فيهم الاتهامات، فقاوموا السلطات، وقاموا بكل جرأة بأداء الحق بعد تحمله، كي لا يعذر الناس، وبلغوا القدر الممكن الكافي لإتمام الحجة على الأمة، فوصل إلينا ما لا يبقى معه عذر لمعتذر فقد حفظوا لنا الدين المعتمد - بعد القرآن - على سنة سيدنا الرسول صلى الله عليه وآله،