نعم يحصل التقرب من حيث الفعل من الكافر وغيره، لأن رفع العطش والإحسان وإيتاء المال حسن من كل أحد ولو من الكافر إلى الحيوان ولو كان كلبا عطشانا أو جوعانا، فنفس الفعل ممدوح يزيد في أجر المؤمن و يكفر عن بعض سيئات الكافر. ولا يعتبر فيه قصد القربة حتى يقال بعدم التمكن من قصد القربة بالنسبة إلى الكافر الذي لا يعتقد بالعبادة ولا يؤمن بالربوبية.
ونتيجة البحث إلى هنا إنا لا نجد الفرق بين الحكم التكليفي والوضعي بما ذكروه ولا نفهم بل نفهم إن الشارع المقدس بنظره الحديد وعلمه بحكمة الأشياء وخواصها جعل أحكاما محكمة على موضوعات مختلفة، ولو كانت مخترعة منه مع الشرائط المختلفة موجودات في الخارج أو ما كان من شأنه الوجود في الخارج، كل ذلك من طرف علام الغيوب لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وبعد اعتقادنا أن النبي (ص) لا ينطق عن الهوى واتباعه وإطاعته غنى ومخالفته الهلاك (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) فلا بد لنا من الاتباع والإطاعة وفي غير ذلك الهلاك والعذاب الأليم ونعوذ بالله الستار.
هذا كله لو كان مرادهم ظاهر كلامهم من الحكم الوضعي والتكليفي والفرق بينهما وإن كان مرادهم بالحكم التكليفي البحتي المحض الخالص هو رفع العقاب كما يستفاد من حديث الرفع وحديث الجب، ففيه: أولا إن العقاب والثواب ليس حكما تكليفيا بل هو جزاء الطاعة أو المعصية. وثانيا إن العقاب