(السادس) إنه لا شك في أنه صلى الله عليه وآله يعبد الله قبل بعثته بما لا يعلم إلا بالشارع كالطواف والحج وغيرهما، كما سيأتي أنه (ص) حج عشرين حجة مستسرا (1)، وقد ورد في أخبار كثيرة أنه (ص) كان يطوف وأنه كان يراعي الآداب المنقولة من التسبيح والتحميد عند الأكل وغيره، وكيف يجوز ذو مسكة من العقل على الله تعالى أن يهمل أفضل أنبيائه أربعين سنة بغير عبادة والمكابرة في ذلك سفسطة فلا يخلو إما أن يكون عاملا بشريعة مختصة به أوحى الله إليه وهو المطلوب أو عاملا بشريعة غيره وهو لا يخلو من وجوه:
الأول: أن يكون علم وجوب عمله بشريعة غيره وكيفية الشريعة من الوحي وهو المطلوب أيضا، لأنه عليه السلام يكون حينئذ عاملا بشريعة نفسه موافقا لشريعة من تقدمه كما مر تقريره في كلام السيد رحمه الله.
الثاني: أن يكون علمهما جميعا من شريعة غيره، وهو باطل كما عرفت بوجهين: (أحدهما) أنه يلزم كون من يعمل بشريعته أفضل منه، و (ثانيهما) معلوم أنه عليه السلام لم يراجع في شئ من الأمور إلى غيره ولم يخالط أهل الكتاب، وكان هذا من معجزاته صلى الله عليه وآله أنه أتى بالقصص مع أنه لم يخالط العلماء ولم يتعلم منهم كما مر في وجوه إعجاز القرآن، وقد قال الله تعالى (هو الذين بعث في الأميين رسولا