أما إذا قلنا بأن المراد من العدة في قوله سبحانه: * (لعدتهن) * هي الأطهار الثلاثة، فاللام متعينة ظاهرة في الغاية والتعليل، والمعنى: فطلقوهن لغاية أن يعتددن، والأصل هو ترتب الغاية على ذيها بلا فصل ولا تريث (ما لم يدل دليل على الخلاف)، مثل قوله سبحانه: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * (1) وقوله تعالى: * (وما أنزلنا عليك الكتب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه) * (2)، واحتمال كون اللام للعاقبة التي ربما يكون هناك فيها فصل بين الغاية وذيها، مثل قوله سبحانه: * (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا و ح (3) زنا) * غير صحيح، لأن موردها فيما إذا كانت النتيجة مرتبة على ذيها ترتبا قهريا غير إرادي كما في الآية، ومثل قولهم: لدوا للموت وابنوا للخراب.
وأما إذا قلنا بأن العدة في الآية هي الحيضات الثلاث، فبما أن الحيضة التي تطلق فيها لا تحسب من العدة باتفاق القائلين بجواز الطلاق في الحيض، يكون الأمر به فيها لغوا، والتعجيل بلا غاية، فلا محيص لم يجد المفسرون حلا إلا بتقدير جملة مثل " مستقبلات لعدتهن " نظير قولهم: لقيته لثلاث بقين من الشهر، يريد مستقبلا لثلاث، وعندئذ يدل على وقوع الطلاق في حالة الطهر، وذلك لأنها إذا كانت العدة هي الحيضة فيكون قبيلها ضدها، وهي الطهارة.
ونخرج بهذه النتيجة أن الآية ظاهرة في شرطية الطهارة من الحيض في صحة الطلاق.
ثم إن بعض الباحثين ذكر الحكمة في المنع من الطلاق في الحيض: أن ذلك يطيل على المرأة العدة، فإنها إن كانت حائضا لم تحتسب الحيضة من عدتها، فتنتظر حتى تطهر من حيضها وتتم مدة طهرها ثم تبدأ العدة من الحيضة التالية (4).