وهذه النصوص تعرب عن كون القوم بين من يقول برجوع الإشهاد إلى الرجعة وحدها، وبين من يقول برجوعه إليها وإلى الطلاق، ولم يقل أحد برجوعه إلى الطلاق وحده إلا ما عرفته من كلام أبي زهرة. وعلى ذلك فاللازم علينا بعد نقل النص، التدبر والاهتداء بكتاب الله إلى حكمه.
قال سبحانه: * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا * فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهدة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا) * (الطلاق / 1 - 2).
إن المراد من بلوغهن أجلهن: اقترابهن من آخر زمان العدة وإشرافهن عليه.
والمراد بإمساكهن: الرجوع على سبيل الاستعارة، كما أن المراد بمفارقتهن: تركهن ليخرجن من العدة ويبن.
لا شك أن قوله: * (وأشهدوا ذوي عدل) * ظاهر في الوجوب كسائر الأوامر الواردة في الشرع ولا يعدل عنه إلى غيره إلا بدليل، إنما الكلام في متعلقه. فهناك احتمالات ثلاثة:
1 - أن يكون قيدا لقوله: * (فطلقوهن لعدتهن) *.
2 - أن يكون قيدا لقوله: * (فأمسكوهن بمعروف) *.
3 - أن يكون قيدا لقوله: * (أو فارقوهن بمعروف) *.